ثقافة
أخر الأخبار

خاطرة بعنوان عرنجاء فى الذاكرة

خاطرة

#عرنجاء_في_الذاكرة

الأحمال تتكاثر والأوجاع تتفاقم وما بين هذا وذاك نتأرجح ما بين الحقيقة والسراب، ما بين ما نؤمن به وما اعتقدناه، نبتسم وتدمع أعيننا لقاء ذنب ترحال كُتب علينا ولم يكن باليد حيلة في ذاك الأوان.

نغفو للحظة وندع سيل الذكريات المنهمر عنوة يجتاحنا من أرض بعيدة سُميت “عرنجاء” كانت ذات يومٍ كل ما لي، كحبلِ وريدٍ ثم بين ليلة وضُحاها هجرتها منذ أعوام لا أذكر أو ربما فقدتُ الحساب عندما وصلتُ الألفين من عدد الأيام الغائرة، حيث كنت مودعًا في صباحٍ أرسلت الشمس أبناءها خلسة علّهم يخبروها بانبثاق الصبح ورحيل الظلام، صباحًا خرج الباعة والمصلون، الحالمون، الباحثون عن رزق اليوم حتى أنا معهم في هذا الصباح؛ خرجتُ حاملًا الألم والأمل في حقيبة صغيرة ليُعقدا هُدنة حتى العودة، وفي الأخرى ذكريات لا ينتهي تدفقها.
أعود لها بمخيلتي التي يُحفها الشوق والوله والحنين الدفاق؛ لأستجمع رباط جأشي وأرى كيف كنت أقضي فيها الأيام والليالي وسط الرفاق حين كُنا نتصارع صباحًا ونلعب ليلًا، نغرق في رحاب مجراها الثائر، نعاني من شتائم البعض وسخط الآخرون الذين يفوقونا سنًا وبعضهم مخافة أن يحدث ما قد سلف حدوثه لذويهم بغتة؛ ولكن لم يكن يعنيننا غير أننا كنا نستمتع بمطارداتنا تحت الماء، وفي الظهيرة نستلقي تحت ظلال أشجارها ونخيلها الوارف لنغني أغنيات الشوق والهُيام ونستذكر ما كُتب على ظهر قلوبنا ونتقنه حتى يأتي المساء لنلعب ألعاب الخفاء والنشاط ولا شيء ينقذنا من الغرق في الألعاب حتى تأتينا ما اسميناهم لألئنا الصغيرة، حيث نصطف جيشًا كاملًا وكأن ساعي بريد آتي؛ لنستلم منه ما حمله إلينا من مكتوب وأشياء أخرى، كنا سُعداء لحدٍ بعيدٍ، حد لم تُضع له أرقام أو مقاييس تذكر.
أفيقُ لوهلة لأشعر بأنه قد أتعبنا البعد وأوحشنا البعض وفي قلوبنا حبًا عظيمًا لا يضاهيه شيء، لم نكن ندرك أن في البعد معاناة هكذا، ألم فراق الأحياء ينخر في قلوبنا والشوق يحرق دواخلنا لقرية ما وأسرة ما ورفاق كانوا كل ما لنا من عزوة وعزاء، فصبرًا جميلًا وعودًا قريبًا وأشياء في عمق الذاكرة ما زالت تزدهر وتحتفى بقدسيتها الطاهرة.
بقلم الكاتب خالد آدم

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!