عيال الحديقة- (الحلقة الثامنة والعشرون والأخيرة)
كان من الممكن أن يكون، خالد، هُوَ، همزة الوصل، بين: هُيام والحاجَّة… بعد ممات والده سيف، الرجل ذي الثلاثة أوجهٍ، بحكم أنه كان أثيراً لديهما الاثنتين، وبحكم لباقته، المورُوثة، والتي يشهد بها الجميع.
بيد أنه كان بضَّاً، صغيرَ سنٍّ و تجربةٍ، أو قُل، أن: (تأثير هيام عليه كان أكبر… وإرادتها كانت أمضى!).
أو، قُل: (إن العلاقة بين المرأتين لم تكن تعنيه في شيء!)… في زمن غابر… وقبل أن يفُوت الأوان.
خالد المحبوب لدى كل رواد الحديقة، أو هكذا كان ما يدعون، بل ويتبارون على إبدائه!… برغم أنه ولأسباب تخصه وحده، ومن ثَمَّ هيام، كان يُفسد ليالي أُعد لها بإتقان…هذا إن لم يلغها من الأساس…
ولم يكن، الرجل ذوالثلاثة أوجه، يملِك في تلك الأحوال، إلا: أن يستجيبَ لمزاج ولده، خالد، وزوجته هيام (أم خالد)… التي كانت تستثمر في أحيانٍ كثيرة هذه الخاصية، متى ما أرادت، هِي، لا خالد، إفساد أمسية من الأماسي، لشيء في نفسها أو حتى: للانفراد بأبي الأولاد.
وكان خالد، مدخلاً لإرضاء والده، عليه رحمة الله، فكانت العطايا التي يجود رواد الأماسي له، بها: أكبر من سنه، وأغلى من أن تُهدى لطفل…فإذا ما كانت مالية، سارعت هيام بالاستيلاء عليها… بحجة ادخارها. اما اذا كانت عينية، فكان يتم توظيفها حسب النوع، والظرف الذي أهديت فيه.
ومن المُؤكد أن كثيراً من الأناتيك الثمينة، التي تزخر بها دار ناس هيام، العامرة… كانت قد أُهديت لخالد، من روَّاد الأماسي، وبعض ضيوف الحديقة (العابرين!)… اللذين استضافتهم لقضاء غرضٍ ما، اوإتمام صفقة أو حتى: تلبية لدعوة.
وكانت هدايا أولئك العابرين، هي الآنق و الأغلى: فعلاً!
وبعد أن تحلوالقعدة، وتنطلق أساريرالأناتيك اللذين يؤمونها، كان (سمير) يطالب بزيادة كأسه على الدوام… من دون الآخرين، عندما يهزها مُبتسماً، بطريقة صارت معلومة ومحفوظة لدى الجميع…
وكان جيبه، دائما، منتفخاً بالمال وعربته مليئة بالوقود، فإن فرغ أحدهما، كان لا يتورع أن يطلب من: بهاء الدين شريف، ما يكفي من مال: لبحبحته وزهزهة أموره، فإن لم يكُ بهاءُ الدينِ هناك، لجأ إلى السيد: جمال عبد الرفيع ذات نفسه، وكان، الرفيع وبهاءُ الدينِ، بدورهما: لا يَرُدّان له طلبًا!
وجاء اليومُ الذي تعطّلت فيه أماسي الحديقة لفترة، عندما سكرَ السُّمارُ… سكِروا! … وتشاجروا: بدون سببٍ معروف، وعَلَت أصواتُهم، حتّى: لفتت انتباه الجيران، فتوافدوا، وتدخّلوا…
و صحا الخال المتخشب على كرسيه بأعجوبة، و سابقة هي الأولى من نوعها… و قد بذل مجهوداً مقدراً في تهدئة الخواطر، و نزع فتيل الشجار، و عودة الأمُور إلى نصابها.
و هكذا، بحمد الله، انفض السامر بالتي هي أحسن… ومرّت الأمسية بسلام…
ولكن (هُيامَ) عنّفت زوجها في الصباح، و وبخته، لائمةً له، على: تعريضه لسمعة البيت لألسُن البِسوى و الما بسوى، مردفةً:
– (لوكان المرحوم عايش، ما كان حصل “لخَمَجْ!” دا!).
فجرحته و آلمته، وتخاصما…
وتوقفت أماسي الحديقة… إلا من جلسات شاي المغربيّة، بالكيك الإنجليزي، و تقلص عدد روَّادها من الأناتيك، ودام توقفها ثلاثة أشهر أو يزيد… حتى أطل يوم ميلاد (مُهند) الأوّل… فانفك الحظرُ عن الأماسي…
واشتعلت الحديقة حيويّةً، وصخباً: من جديد!
وماج الأناتيك و المفروشات بالرقصِ،والغناءِ والشرابِ… واكتحلتِ الحديقة بالصفقات التجاريّة، والتسويات الماليّة، والتّرضيات: خلف الكواليس… كسابقِ عهدِها، وكما ستكُون:(أبداً!)…
النهاية