من حكاية المال و العيال- (الحلقة السادســــة).
وغادر منزل الأسرة الصغيرة الكبير (بيت ناس هُيام)، هُوَ، لا هي، هائماً على وجهه أوّل الأمر… ولكنه استجاب، على الفـــــــور، لدعوة سخيّة من مدير مصنع الأغذية- شريك التجارة في الإغاثة- لاستغلال فيللته (للسُكنَى وإعمار الأماسي: لا فرق!)، والتي تقع في حي غير بعيد، ولا يقل فخامة من بيت أسرة زوجته، حيث كان يقطُن، من حيثُ: الإطلالة، المباشرة على مقرن النيلين!
في تلك الفترة التي شهدت الطلاق: الرمزي،والقصير… تعلّم الرجلُ ذوالثلاثة أوجه فيما تعلَّم، تعلّم: لعب القمار المثير! …
وسرعان ما صار، مُعتمِدَاً على حظه الغريب، مقامراً عتيداً، لا يشق له: غُبار!
كانت ملامحه، العاديّة، تجعل من مقولة: ( يخلق من الشبه أربعين!): تنطبق عليه!
وبخلاف إخوانه، الذين كانوا يتشابهون فيما بينهم- ظاهراً وباطناً- شبه القُرود، فقد كان يشبهه الكثيرون، الذين تجدهم أينما حللت في مشارق ومغارب الأرضِ!
وفي مكان غير هذا، من هذه المُقتطفات، سنذكر: كيف؟ كان يستفيد الرجلُ ذوالثلاثة أوجه من وجــــــــود ( أمثالو) في كل مكان …
بيد أن التشابه، في الملامح، لم يكن الشيء الوحيد الذي يمكن تدوينه، إذ صادف أن يكُونَ، هناك، تشابُه- لحد التطابق- بين اسمه، واسم النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء… استغله الرجل ذوالثلاثة أوجه، ولعب به: (ككرت فتوح!) لمغاليق الوزارات، والمؤسسات الحكومية، وكتعويذة سحرت حارقي البخور والمطبلاتيّة، الذين تزخر بهم الدواوين الرسميّة ويسيطرون، بالدهنسة، على: دولاب العمل في البلاد، تجدهم في حنايا و أضابير جهاز الدولة كالفئران في الصوامع!…
ولأنه، ليس في كل مرة تسلم الجرّة: دخل (السجن) للمرّة الثالثة بسبب هذا الانتحال، ووقف معه أصدقاء الزمن الباهي، مرّة أخرى،وتاب هُوَ لفترة، توبةً منقُوصة، إذ سُرعان ما عاد، وطفق، مرّة رابعة، وخامسة، وسادسة: يمضِّي ويرضِّي… ويهدي المُحال!
كان أوّل استثمار، لشبه (القُرود) بينهُ وأخيه الذي يصغرهُ، من بنات أفكار الحاجّة.
في ذلك اليوم، لم تكن هناك مصاريف تكفي لذهابه للمدرسة، فقالت لهُ:
– أركب بالـ: (أبونيه*) بتاع أخوك!
ولفتت انتباهه، الفكرة الألمعيّة تلك، لمعين استثماري لا ينضب: إذ استخدم (الرجل ذوالثلاثة أوجه)، لسنوات طوال، وحتى وقتٍ قريب، استخدم ذلك الشبه، في تحقيق منافع أو تقليل مصاريف، و كان أحدث توظيفٍ له، استخدامه:(الكارنيه**!)، الخاص بنفس الشقيق (القِرِد!)، الذي كان قد انتمى، أي الشقيق، لأحد أفرع القوّات النظاميّة… في ترتيبات تمّت، ذات أمسية، بالحديقة المطلّة على مُلتقى النيلين، هناك، حيثُ، ينبُع: النيل العظيم!
وهي نفس الليلة، التي اكتملت فيها: (أوّلُ صفقة!)، بقيمة: (الكذا مِليون دوْلار!)…
وعندما تم الاتفاق، على ترسية عطاء التوريد الحصري (للكوكا)، للإقليم الغربي المشتعل حروباً و المكتوي نزوحاً و مجاعات، كان يسامره ما تبقّى لهُ من ضمير، هامساً له من الداخل:
– علّ الكوكا كولا تبرِّد جوف البشريّة المكتوية بأتون الحرب هناك!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الأبونيه: بطاقة الإشتراك الشهري في المواصلات العامة.
**الكارنيه: بطاقة أفراد القوات النظاميّة.