مِنْ حِكَايَةِ المَالِ و العِيَالْ- (الحَلقةُ العَاشِــــرةُ).
ونجح، الرجل ذو الثلاثة أوجه، كالعادة وعلى الدوام ، في: استثمار تحلُّق الناس حوله، ووظّف ذلك، في الربط: بين النادي الكبير،والصالة وروافدها، فأصبحت، كلُ فعاليات النادي: تُقام في الصالة، وفق اتفاق مُجزي (حصري) طويل الأجل!…
ومع كل احتفال، كانت تنهال عليه: الميداليات، والأنواط، وشهادات التقدير: إمّا من النادي الكبير نفسه، أو الأنديّة الصغيرة المتودِّدة، التي كانت ترى، في النادي الكبير، قُدوة، ومثلاً يُحتذى!…
أمّا الميداليات الذهبيّة، والفضيّة، فقد كان يحتفظ بها عند (هُيام)، في البيت، المطل على: ملتقى النيلين!… وما عداها من هدايا ، كان يحفظهُا في بيت الوالدة، مع أشياء أخرى تخصّه: صُور، وأوراق، كان أغلبها من أيام الزمن الباهي… . لعلّه الحنين، أو لعله خط لرجعة و استفاقة لم يتسنَّ له الوقت لجعلها واقعاً مُعاشًا!
وكان ذلك، كله، مصدر سعادة وحُبُور لا توصف لـ(الرجل ذي الثلاثة أوجه)، ومصدراً للإعجاب المصطنع وغير المُصطنع من روّاد الأماسي …
وقد احتكر (سيف اليزل) تلك الإكراميات لفترة، إلى أن وجد طُرقاً: لضم مدير مصنع الأغذيّة، ومدير فرع البنك لقائمة المُكرمين …
وكلمّا كرمُوهما ازدهت، في الضفَّةِ الأُخرى، (صفقة!)…وحان قطافها، وكان (الرجل ذوالثلاثة أوجه): قاطفها!
لكن، ورغم حُبِّهِ للذهب، والمال، وحُب هُيام للمجوهرات (النادرة بالذات)، لم يدخل دُنيا الاتجار في المخدرات! لماذا؟ رغم سمعة تلك التجارة الطيبة من حيث الرّواج والربح؟ لستُ أدري!…
وقد كان كلُّ ما يُقال همساً في المجالس، عن اتجاره في (الهيروين): كان محض (شائعات!)، فِعلاً، لأن الرجل كان بالقريحة: حريص على حياته الطبيعية، من ناحية، ولأنه كان أجبن من أن يُعرِّض نفسه لمغامرة تنهي حياته: بالإعدام! من الناحية المقابلة، ولذلك لم يجد لقب (مِسَتر هِيرُو)، المرتبط بما ذكرنا من إتهاماتٍ و همس، لم يجد رواجاً: لا وسط أصدقاء الزمن الباهي، ولا أناتيك الحديقة، و لا المفروشات الملتحقة بالركب: فيما بعد.
ولكن، ذلك لا ينفي: احتمال أن يكون الرجل قد جرّب الهيروين وأخد منه: (شمّة… شمتين!)!… من باب الفُضُول، ليس إلا… فقد كان مجلسه عامراً (برِجَّالة) تجلب، لحظيّاً، لبن الطير، إذا ما طلب هوذلك اللبن!… ولأن مثل هذا الفضول والقدرة على تجريب المُجرَّب: توافقَهُ، و تتسق مع حبه المغامرة و الاكتشاف!
من فتوحات الصّالة، وفألها الحسن عليه، كان أن: انضمت (العمّة ذات المجد التليد) للطاقم الخدمي فيها، مُشرفة بصفة مقاول باطن، على إعداد الطعام أوالمرطبات: حسب الطلب، ونوع الاحتفال!…
كان انضمامها، باديء الأمر، باقتراح من (هُيام)، ولكن العمة رأت في ذلك: فضلاً من أفضال (سيف!)، و بِرَّاً يُضاف إلى عطاياه السخيّة وتسهيله لها حج البيت الحرام ذات مرّة.
وصارت تتراخى تجاه شكاوى (هُيام) من (سيف اليزل) … بل وتلومها أحياناً، قائلة:
– سيف، يا يُمّة، ود السِّرُور!
وكان هو مُرتاحاً لذلك التراخي، ويهزج لذاك التقريظ الذي يجعله يبذل مزيداً من العطايا، ويُبدي كثيراً من التودُّد و الملاطفة للعمة ذات المجد الغابر!
وصارت العلاقات بينهما ودودة، لدرجة أنها كانت، في الأماسي التي تُبطِّل فيها الصالة: تُشرف -بنفسِها – على إعداد وتقديم عشاء (سيف)، والأناتيك الذين معه ، في حديقة منزل ناس هُيام…
وصارت الرِّيش، الآن، مُتاحة للجميع، من مرحلة (المزّة)…وحتى العشاء…بل و ما بعده.
إلا أنه لم يترك هوايته الأثيرة في قزقزتها: ريشة… ريشة، في غرفة النوم، من الجزء المُخصص لهُ، من يد العمّة: ذات المجد التليد!