هلاوس مواصلات للكاتب عبد العظيم رضا
…
من دون تشتيت لآرائك ومن دون مقاطعة لحديثك, الأن أنا أركب القطار المتجه إلي الإسكندرية, وأنا الأن بالتحديد في محطة مصر(رمسيس), طال انتظاري لهذا القطار وأنا أجلس علي المحطة أنا والبقية, عندما أتي القطار كان متاخراً عن موعده وعدد الأشخاص زائد عن المعتاد, وكان يوم الخميس ونحن نعرف أن يوم الخميس هو يوم ملئ بالكثير من الأشياء المهمة والغير مهمة, ولكن تبقي المواصلات مزدحمة في هذا اليوم, كانت الساعة تقترب من السابعة والعشر دقائق مساءا, ركبت أنا والمسافرين في القطار منتظرين تحركه, أصبح القطار مزدحما أكثر مما كنت أتوقع الآن ,وبمرور عشرة دقائق قد إمتلئت جميع المقاعد ولم يتحرك القطار بعد ولا أعرف لماذا؟!
دعنا نتحدث أنا وأنت الآن, ماذا يمكن أن يكون قد حدث ليتأخر القطار عن موعده في المحطة؟ ,أو وقوفه الكثير من الوقت ثابتا دون تحرك؟ هل يمكن أن يكون هناك عطل في المحرك؟ أم أن السائق حدث له ظرف وسيتم تبديله بسائق آخر؟ أم أن الطرق ليست آمنة؟ لا أعلم ولكن في ذهني تدور تلك التساؤلات . إمتلئت الأن طرقة العربة التي أركب فيها وأظن أن جميع العربات هكذا قد إمتلئت أيضا ولكن القطار لم يتحرك إلي الآن .
وبعد مرور نصف ساعة من ركوبي القطار لم يعد هناك شبر في القطار خالي , الكثير من الأشخاص في القطار ولكن الغريب هو أن القطار لم يتحرك إلي الآن , أصبحت أشعر بضيق في التنفس فأنا لا أحب الأماكن المزدحمة أسمع صفير القطارات من حولي يزعجني هذا الصوت, وصوت المسافرين مع بعضهما في وقت واحد يحدث ضوضاء, وأنا أكرهها أيضا ولكن ما باليد حيله عليك الانتظار رغما عنك .
تحرك القطار بعد معاناة , الآن شعرت بالإرتياح البسيط ولكن القطار مزدحم بطريقة بشعة, لا أعلم الأشخاص الذين ينتظرون في المحطات القادمه أين سيركبون, يصعُب عليّ أن أري الفتيات والسيدات الكبيرات في السن والرجال الكبيرة في السن في هذه الزحمة يمكنني الآن أن أخبرك بأنهم تعودوا علي ذلك ولكن أخبرني, إذا كانت لديك أخت
هل ترغب بأن تمر في عربه القطار وهي مزدحمه؟ أو تركب قطار مزدحم؟ لا أظن ذلك,
قد وصلت الي المحطه التي تلي محطة مصر وقد ركب أشخاص كثيرون منهم الأطفال والسيدات والفتيات فأصبح القطار مزدحما عما قبل, تقف الآن بجواري إمرأة كبيرة السن ومعها أطفالها أنتظر لحظة, سأترك مكان جلوسي لها فأنا ساتحمل مشقه الوقوف لها ولأطفالها,
– شكرا لأنتظارك- ها أنا الآن أكتب إليك واقفا وسط حشود من الأشخاص بدأت أمعن النظر في عيون الأشخاص الذين في عربة القطار علي يساري هناك فتي يرتدي (الهاند فري) وبجانبه فتي يبدو في العشرينيات من عمره يرتدي أيضا (الهاند فري) بالنسبه لي (الهاند فري) يفصلك عن العالم الخارجي, علي حسب ما تستمع اليه ولكن هناك خطأ, المثير للدهشه هو أنه يقف إلي جانبه إمرأه وفتاتان, تعجبت من الأمر وظننت انه لم يشاهدهم أم أن الشباب أصبحت عديمة الإحساس أم أنهم تربوا علي ذلك, بدون تفكير في الأمر كثيرا نزعت (الهاند فري) من أذنيهما وقلت لهم (مش عيب تبقا قاعد انتا وهو وفي ست قد امك واخواتك البنات واقفين ) ردوا عليّ بتعبيرات وجههم أنهم سوف يقفون ويتركوا لهم الأماكن وبالفعل هذا ما حدث, جلست الأم والفتاتان وظلت الأم تدعو لي بدعوات أراحت قلبي فأنا قلبي أصبح محطما .
تمر المحطات وأنا شاردا بخيالي مرت ساعة والقطار مازال مزدحما وأنا قدماي قربت علي الشكوي من الوجع.
بخيالي احلام لم يتم تحقيقها فما عليّ سوي الصبر.
الأن يمر الكمسري ليفتش عن التذاكر, أنظر إلي وجوه المسافرين في القطار أري علي وجوههم ملامح التعب وفي أعينهم هموم, سارحون بخيالهم فيها, في أعينهم الدموع ولكنها ثابته لاتتحرك, الأن المرأءة التي قامت بالجلوس مكاني ستنزل في هذه المحطة – أنتظرني حتي اجلس مكاني ثانية – شكرا لأنتظارك وآسف علي التأخير فأنا قد أنزلتها من القطار وركبت ثانية
أجلس الأن بعد ساعة وقوف, ومرت الكثير من المحطات وأنا علي وشك الوصول فالساعة الأن التاسعة والربع, الأشخاص في القطار ليسوا كثيرين, فالقطار لم يعد مزدحما, كم هو ممتع القطار دون ازدحام .
تجلس الأن علي يميني في الكرسي المقابل إمراءة كبيرة السن أتوقع أن عمرها خمسة وثلاثون -إنتظر سأسالها- ها أنا قد أتيت إنها في السابعة والثلاثون من عمرها أسمعها الأن تتحدث مع أشخاص يجلسون بجانبها وتتحدث عن أولادها, قد تركوها ورحلوا بعيدا عنها, وزوجها ميت, تتعالي صوت ضحكاتها في القطار والجميع تصيبه الدهشة مما يحدث , الأن تتحدث مع الكمسري الكل ينظر إليها بنظرة سخرية وسخافة ولكن أنا غير الجميع فأنا أري في عينيها وجع أو كسر, فعيناها ذابلتان .
الوقت المتبقي للوصول الي محطتي لايزيد عن نصف ساعه الآن قد اشتريت العسلية من بائع في القطار وآكلها هل تمانع بأن أعطيك واحدة؟
أظنك لا تمانع تفضل.
طعمها لذيذ أليس كذلك؟.
قد أوشكت علي الوصول أخيرا وبعد معاناة أشم رائحه طعام أمي من مكاني هذا فأنا اتضور جوعا ,عندما أصل الي محطتي سأتصل بها لتعد لي الطعام, ها قد وصلت الي محطتي – شكرا لتنبيهك لي بأن أتصل بأمي لتعد الطعام
أعلم أني أطلت الحديث معك ولكن أنت مستمتع من يدري لعل هناك خير آتي.
#عبدالعظيم_رضا