ثقافة
أخر الأخبار

قصه قصيره بعنوان سعادة زوجيه

قصة قصيرة

سعادة زوجية- من مَجْمُوعة (أزاميلُ الزَّمن القصصيَّة)
بقلم/ عادل سيد أحمد
زوجتي، ككل نساء الأرض، تخاف الحشرات والعناكب…
ومع أنني أخاف منها، ودائماً ما أهرع لتلبية أوامرها، متجنباً مزيداً من الغلظة والنهّْير، فإنها كانت تثقل عليّ بملاحقة تلك الحشرات والعناكب متى ما رأت أحداها…
ولكن كنت أمتنع عن ملاحقة الضببة والفئران، التي كانت تثير فيها رعباً لا يقل بحال عن ما يبثة فيها أبو الصرصار من رعب… واتحجج بأن الضب يأكل الحشرات التي تخيفها، أما الفأر فستتكفّل به كدايسنا التي تبرطع ليل نهار في أرجاء البيت…
كانت تطلب مني ملاحقة الحشرات والعناكب والفئران والضببة والضفادع دون أن تدري أنني أخافها أيضاً، وأقشعر من مجرّد رؤيتها… ولكن كانت المهمة أيسر عليَّ من نقة المدام، وصراخها حالما تأخرت وتباطأت في إغتيال صرصور أو خنفساء… وما شاكلهما…
ولم يخطر ببالي أنني مطالب بملاحقة العقارب أيضاً، لأن زمن (العقارب) التي تجول وتصول في البيوت، حسب ظني، كان قد ولَّى وأصبح نسياً منسيا، من جانب، أمّا من الجانب الآخر فقد كنت أرتعب من مجرّد ذكر لفظ عقرب، لأني لدغت منها في الطفولة… وذقت الأمرين جراء الفصادة وشرب الشاي بطعم العلقم، تفادياً لتسمم قد وقع، على كل حال…
وقالت زوجتي:
– في عقرب تحت السرير، قوم أكتلا!
– بسم الله علينا، الجاب العقرب شنو كمان؟
– طلعت من جُحُر في الحيطة…
ونظرت إلى نفسي، ووجدت أنني واقعٌ بين (يافطتتين)… وكان الأهون عليّ هو قتل العقرب…
وأحضرت الكوريك (الجاروف)، وصرت أخبط به عشوائيّاً، تحت السرير، محافظاً على بعدي عن الدائرة التي من الممكن أن تصل إليها العقرب… التي زحفت وإلتصقت بحافة الجدار، بحيث صار من غير الممكن إصطيادها، قبل أن تلج جحرها مرّة أخري، في تطويل لحالة الطوارئ في البيت…
وكان من غير الممكن، بعد اكتشاف العقرب الكامنة تحت السرير، أن أخرج ليس من الدار فحسب، وإنما من الغرفة التي تحتضنهاو بلا شك: أسرتها من بعلٍ وصغار الإبناء والبنات…
كان من السهل الإستعانة بالكديسة الرقطاء التي كانت تقطن معنا في الدار، ولكنني بحثتُ عنها: سما أرض، فلم أجد لها أثراً… وهداني تفكيري لرش العقرب بلماء المغلي، متذكراً نصيحة لجاري دكتور حسن عن مقاومة النمل بالماء الساخن….
وما أن رشقت الجحر بالماء الساخن، حتى خرج فوج من العقارب، يمكن: سبعة…
و أعملتُ فيها الكوريك، الواحدة تلو الأخرى، واستطعت القضاء عليها كلها، وانتشيت، وأنا أهزم ليس العقارب وحدها وأنما خوفي منها أيضاً…
وتوقعت من زوجتي تقريظاً ومديح:
ولكنها بادرتني بطلب جديد، نزل عليّ هماً ومشقة:
– الصالون فيهو جُحرين، وحيكونوا ملانات عقارب ما دام هي وصلت لحدي هنا!
– الصالون مش حقي؟ أنا ح أقفلو من الليلة…
– ولو جوا ضيوف؟…
– نخليهم يكتلوا العقارب، أوّل، بعدين يدخلوا!
وعلى نحو مُباغت، وبدلاً عن الصُّراخ، قهقهت زوجتي حتى بانت نواجِذها، ثم قالت من بين دموع الضحك:
– أقفلو، أصلو ضيوفك أخير منهم: عقاربنا!
ومن فوري دلفت إلى الصالون، وبيدي الجاروف، أفيض همَّةً وبسالة، باحثاً عن حُجُور العقارب هناك!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة ريشة التشكيلي المبدع/ مهدي الهاشمي.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!