أَماسِـــيْ الحديقـــة – (الحَلقةُ الثالثة عشـــر).
تمَّت مراسمُ احتفالٍ مختصرة ، للزواج الجنائزي، في صالة الأفراح… أعدت الطعام، بالإرشاد، وهي تجلس على كرسيها المتحرِّك: العمّة، الهرمة، ذات المجد التليد، بعد اعتزال، وهي تنُوُح…
وذهب الولد، الذي صارأوسم من أبيه، ليستقر هو وأختاه في البيت الكبير.
وما أن تزوّجت هُيام من مدير فرع البنك، حتى انقطع آخر خيط، من خيوط الوصل… وانسلت (شعرة معاوية) من العلاقة بين أرملة الرجل ذي الثلاثة أوجه، ووالدته… كانسلالها من عجينٍ طازجٍ!
وكان من نتائج القطيعة هذه، إن الحاجّة، لم تُبارك ميلاد (مُهنَّدٍ): لا بالحُضُور … ولا بإرسال التهاني لأسرة هُيام…. وكان من الممكن، بل ويكفي، أن تُكلِّفَ خالداً بإيصال تلك التهنئة… التي إن هي أرسلتها، لقُبلت، ولكن!
أمّا مدير مصنع الأغذية فقد أحيل للمعاش الإجباري،واكتفى لمعيشته، من: ريع الصالة!… واعتزل المجالس كلها… وانكبَّ على هوايته التي لازمته في السراء والضراء، ألا وهي: القراءة!
وتحلَّق الأناتيك حول مدير فرع البنك، بديلاً عن ولي نعمتهم السابق المرحوم: سيف اليزل، طيّب الله ثراهُ. وعمرّوا الأماسي، من جديد: في حديقة منزل ناس (هُيام!)، الحليلة الجديدة لمدير فرع البنك.
ودخل مُدير فرع البنك ، في البداية، دخول الفاتحين في أسرة (هُيام)… وصار ناهياً وآمراً في فترة وجيزة: على الكل، وذلك للتعقيد في القضايا والمشاكل الموروثة من الرجل (ذي الثلاثة أوجه)، التي كانت تُفصِّلها المُستندات والأوراق: التي باتت مشاعة في أوساط الأسرة والمقربين بعد أن قضى (الرجل ذوالثلاثة أوجه) نحبه، و لو كان يتحسب لموته، لما ترك خلفه (قُصاصة!)…
ولكن، هيام، التي كانت تحفظ من القصص وتعرف من الوقائع عن الرجل- أي مدير فرع البنك- أكثر مما يعرف (هُوَ) عن نفسه، وكانت بين جوانحها و في قرارة نفسها تعدُّه (هلفوتاً) و غشيماً حباه الله بما لا يستحق، وذلك بموجب سمرها الطويل مع (الرجل ذي الثلاثة أوجه)، سرعان ما استعادت سيطرتها على مقاليد الأمُور، مسنودة بمجد أسرتها التليد، والفخامة التي حفَّتها: كأنما جرى (تسليم وتسلم) العراقة بينها وبين العمة التي كانت تجيد طبخ (ريش الكُستُليتة)، عندما كانت سليمة البصر.
واستلمت (هُيام) زمام المبادرة: في البيت أولاً، تليه شُئُون الصالة… ثم جملة الأعمال المشتركة بينها وبين ورثة المرحوم (الرَّجُل ذي الثلاثةِ أوجه)، ومدير فرع البنك، لدرجة أنها استطاعت أن تلحقه بمجلس إدارة النادي: رغم أنه لم يكُن مُؤهلًا لتلك العُضويّة… ولا يملك مقدرات (الرجل ذي الثلاثة أوجه) في هذا المجال…
ثُمّ إنها أدارات، ببراعة، معركة رجلها الثاني وفوّزته، بتقدير أجمع عليه الجميع: حتّى الأناتيك المحليّة والعالميّة من روّاد أماسي الحديقة، حين أراد ولوج مجلس النُّواب، عن الحَيِّ: الذي يضم منزل هيام وأسرتها المطل على مقرن النيلين.