خدعوك فقالوا ،، أن المسرح مُلتقى لجمع النكات الهابطة والإفيهات الركيكة .
خدعوك فقالوا ،، أن التنمر على الرجل القصير أو المرأة البدينة ، فن مسرحى .
لا يا عزيزى أنت فى حضرة “أبو الفنون”، فالمسرح هو “الشاهد” على تطور الشعوب ، فمنذ بدايته حمل على عاتقه توصيل رسالته لأجيال وأجيال ، ونجد ذلك جلياً فى الكثير من النقوش التى تركها لنا أجدادنا سواء من العصرالفرعونى مُتمثلاً فى مسرحية ” السر” أوالنقوش الخاصة بأسطورة “إيزيس”و”أوزوريس” وكذلك صور العروض التى كانت تُقام على المسرح الرومانى بالإسكندرية بعد ذلك .
فرسالة المسرح هى محاكاة للفترة الزمنية أو المكانية التى يُمثلها،فنجد مثلاً نوعاً من المسارح يُقدم الفنون “المكانية البصرية”ونوعاً آخر للفنون “الزمنية السمعية”.
مقال الكاتبة منال الشرقاوي
ولقد إستطاع الفنان المسرحى منذ بدايته ، توصيل رسالة عرضه المسرحى للجمهور عن طريق حركات تقليدية دون صوت ،فالأصل فى الإنسان هو قدرته على مُحاكاة الطبيعة ،فنجده يُقلد حركات الحيوانات والطيور والأشجار،ثم تطور فى ذلك إلى أن بدأ فى تقليد الأصوات ..وصولاً لتقليد شخصيات حقيقة فى المجتمع نجدها فى حياتنا بإختلاف صورها على مر العصور .
إذن ،، فما هى رسالة المسرح ؟
أو بمعنى آخر ،، هل المسرح يُعالج فقط المشكلات السياسية والإجتماعية والإقتصادية للعصر الذى يواكبه ؟!
بالطبع لا .. فاللمسرح صور عدة منها “المسرح التراجيدى” والذى يعتمد على وجود خلل فى شخصية البطل مما يدفعه لإرتكاب أخطاء ، ويجب أن يكتشف البطل خلال العرض قدرات أخرى فى شخصيته من خلال الأحداث والمواقف التى يمر بها ، وينتهى العرض المسرحى التراجيدى بالتغير من الجهل إلى المعرفة ، أى يجب أن تكون نهايته سعيدة .
وهناك أيضاً “المسرح الكوميدى” والذى يُعالج القضايا والمشكلات بشكل بسيط ويحتوى على قرارات سعيدة.
ولن ننسى الحديث عن “الدراما السوداء” والتى تكون عبارة عن فيض من المشاعر والصراعات الداخلية ،التى يُحاول البطل إظهارها فى العرض .
أما إذا تحدثنا عن “المسرح التجريبى” فلن يُكفينا الحديث ،فهو يُمثل عشق خاص لكثير من رواده ،لما يتصف به من جُرأة فى عرض الأفكار وخروجها عن الأنماط التقليدية المتعارف عليها .
إنه نوع خاص من الفن المسرحى حيث نجد أن الجمهور شريكاً فى العرض المسرحى بنسب متفاوتة ،بداية من متفرج إلى متطوع للصعود على خشبة المسرح ، وفى بعض العروض التجريبية قد يتم إختراق “الجدارالرابع” غير المرئى ، فمثلاً فى إحدى المسرحيات قام الممثل المسرحى بطرح الأسئلة المباشرة على جمهور الحضور،وطلب منهم ألا يجيبوا عن الأسئلة ، وما عليهم إلا التفكير فى أنفسهم فقط .
ولد تطور المسرح فى مصر منذ بداية نشأته فى القرن التاسع عشر ، ونلحظ هذا التطور على مر السنوات ، فقد كانت العروض المسرحية فى هذا الوقت تُبنى على قصص مكتوبة للمجتمعات الأوروبية ، ويقوم بالتمثيل والإخراج فيها ممثلين من فرنسا أو إيطاليا ، فنجد أن أشهر مسرح فى مصر فى هذا الوقت هو مسرح “يعقوب صنوع” والذى كان ملاذاً لعشاق الفن المسرحى ،إلى أن تم بناء دار “الأوبرا الخديوية” أو دار “الأوبرا الملكية” فى الأول من نوفمبر لعام 1869 بأمر من الخديوى “إسماعيل” فأصبحت دار الأوبرا فى مصر تضاهى أكبر مسارح أوروبا الراقية ، وكانت أول دار أوبرا فى إفريقيا والشرق الأوسط .
شكراً للمسرح الذى أضحكنا وأبكانا ، أوجعنا و داونا،شكراً “أبوالفنون”.
منال الشرقاوي
كاتبة وروائية مصرية