ثقافة
أخر الأخبار

قصة قصيرة بعنوان يحرق نفسه من أجلى

قصة قصيرة

قصّة حقيقية.. تتبع سلسلة

#حدث_ذلك_معي..!

#يحرق_نفسه_من_أجلي !.

يوم شديد البرودة كسابقاته
واقفا أمام مكتبي في الخارج خلف المقطورة التي تحتويه برفقة كوب قهوتي …
أحتسيها لأتحسس دفئها يسري بداخلي بنكهتها، لأشعر بإنتعاش لا مثيل له … فالصباح لا يبدأ حلْوَه إلاَّ بها.
هكذا أبدأ يوم عملي في هذه الصحراء الشاسعة

لمحت جمرة في وسط الظلمة كأنها نجمة في قلب سماء ذات ليلة غادرها القمر …
كانت متجهة نحوي … رأيته يخرج من ظلام الفجر إلى إنارة المخيم … معطفه الشتوي يلف جسده … قفازاه السوداوين يدفئان يديه … و القلنسوة الصوفية على رأسه …
سجارته بين شفتيه … ممسكاً بيُسْراه كوب قهوته .
ما أن وصل … وقف بجانبي سحب منها بقوة … إنتزعها من فِيهِ … إستنشق بهدوء ثم إرتشف رشفة من كوبه … أغمض عينيه في سكون .

رفع رأسه وكأنه يبْتهل … لَمْ يمض سوى ثوانٍ حتى نفث دخانه خارجاً ليبدأ رحلته بملاعبة البرودة فوقه فرحاً بحريته … أظهر بعدها إبتسامة رضى رُسِمَتْ على شفتيه .

مازلت أشاهده بتعجب شديد بتفكير يداخل تلافيف دماغي … سألته :-
ألا تكتفي ؟!… كيف لرجلٍ بالغٍ عاقل … أن يمضي عمره وهو يخزن هذا السم في جوفه ؟!.

لمْ ينظر إلي … لمْ يكلف نفسه عناء الإلتفات … بلْ رفعها بإصبعيه يرجها و دخانها يتراقص مجيئة وذهابا مُتَمَهِّلا … إبتسم و هو يقول في عدم إكتراث متفاخراً :-
الصديق الذي يحرق نفسه من أجلي .

فأتبعته :- لكي أحترق .

تجمدت حركته … تبدلت ملامحه … إختفت إبتسامته تدريجياً .
إلتفت إليّ عاقداً حاجبيه في دهشة طفحت على وجهه … سائلاً :- ماذا قلت ؟!.

فأعدت عليه :- الصديق الذي يحرق نفسه من أجلي … لكي أحترق .

إرتد بصره إليها يتأملها في صمت مطبق … أبعد سبابة يده عن وسْطاها لتترنح قليلا قبل أن يسقط ما تبقى منها أرضاً … مازالت نارها مشتعلة و دخانها يتصاعد … داس عليها برجلهِ ثم أردف :-
نعم … كنت دائماً أتهرب مبرراً فعلي هذا أمام كل من يعاتبني بهذه الجملة … لكنك ياصديقي … ألجمتني .

نظر إليّ بنظرات مستهزءاً بنفسه ضاحكاً وهو يقول هازاً رأسه …لكي أحترق .

غادر بخطوات هادئة و ما أن كاد يختفي في الظلام الذي ظهر منه توقف ملوحاً بيده دون إلتفات قبل أن تبتلعه تلك العتمة .

#بقلم :- #المغربي_جلال_ابودربالة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!